الرئيسية / الرئيسية / مترجم: “سنسقط النظام كله”.. متظاهرو بغداد يحتفلون بانتصارين

مترجم: “سنسقط النظام كله”.. متظاهرو بغداد يحتفلون بانتصارين

BY: Tom Westcott – Middle East Eye

الشرق اليوم– ينتاب المحتجون العراقيون؛ تفاؤلًا مشوبًا بالحذر، في أعقاب استقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي من منصبه، وفوز منتخب العراق على الإمارات ضمن منافسات بطولة خليجي 24 المقامة في قطر.

عادت الحياة إلى ساحة التحرير في بغداد التي يحتلها المتظاهرون منذ أسابيع مساء الجمعة؛ إذ تدفق المئات للاحتفال باستقالة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي وفوز العراق في كرة القدم في مباراة ضد الإمارات.

تنقلت عربات التوك توك الملونة، التي اشتهرت بدورها كسيارات إنقاذ في الاحتجاجات، بين المشاة الذين يلوحون بالأعلام وحافلة صغيرة تبث أغاني مناهضة للحكومة مع شباب يعتلونها. قال علي، سائق التوك توك البالغ من العمر 16 عامًا: “عبد المهدي أثبت أنه طيب باستقالته، لكن الاحتجاجات لن تتوقف، ليس الآن على الإطلاق، ليس حتى تسقط الحكومة بأكملها”.

جاءت استقالة عبد المهدي بعد أسابيع من الاحتجاجات في وسط وجنوب العراق ضد الفقر، والبطالة، والفساد المستشري، وفشل الحكومة العراقية الحالية في إحداث تغيير ذي مغزى على أرض الواقع.

“نحن سعداء كما لو كنا نحتفل في عُرس”، قال الطالب ريال، 23 عامًا، وهو يضحك ويمسك بأيدي شقيقتيه بنين 19 سنة، وجنة 16 سنة. وأضاف “بالأمس كنا نبكي بسبب ما فعلوه في الناصرية حيث قُتل 40 متظاهرًا على الأقل على أيدي القوات الحكومية، لكننا نحتفل اليوم؛ لأنه بعد كل ما فعله استقال عبد المهدي”.

لكن بالنسبة لمعظم المحتجين، فإن استقالة رئيس الوزراء المحاصر ليست سوى الخطوة الأولى نحو مزيد من التغييرات الجذرية التي يطالبون بها، بما في ذلك الإطاحة بالحكومة والبرلمان الحاليين بالكامل، وإنشاء حكومة طوارئ برئاسة الرئيس العراقي برهام صالح.

«”استقالة عبد المهدي ليست الحل. نريد أن تستقيل الحكومة بأكملها”. أخبر مهندس النفط حسين عبد الرحمن 25 عامًا، موقعنا، وأضاف: “ونريد إجراء انتخابات مبكرة في إطار لجنة انتخابية جديدة تعمل وفق المعايير الدولية وتشكيل برلمان جديد، ووضع دستور جديد. لقد كنا متفائلين في عام 2003، ولكن بعد 16 عامًا لم نر أية تحسينات، ولم يحصل الناس على ما يكفي”.

“نحن 39 مليون نسمة في بلد يجب أن يكون ثريًا، لكن مليون شخص فقط في مناصب السلطة، يأخذون كل شيء، بينما لا يمتلك أي شخص آخر أي شيء على الإطلاق. أنا حالي جيد لأنني أعمل في القطاع الخاص، لكنني أرى الوضع المأساوي لعائلتي وأصدقائي، ولهذا السبب أنا هنا”.

بالنسبة لمجموعة من المتقاعدين جالسين خارج خيمة، كانت الاستقالة بلا معنى. وقد انتقدوا الحكومات المتعاقبة بعد عام 2003 لسرقة “مليارات الدولارات” من ثروة العراق النفطية، وإعطاء الأولوية للمكاسب الشخصية مع إهمال الاحتياجات الأساسية للعراقيين العاديين.

قال رجل طلب عدم الكشف عن هويته “يجب أن تسقط الحكومة بأكملها، وليس فقط عبد المهدي. نريد إنهاء ثقافة الطائفية والمحسوبية والأحزاب السياسية وإساءة استخدام السلطة التي دمرت بلدنا. لا نريد حكومة ائتلافية أخرى أو أي مناصب وزارية تمنح لأصدقاء الأحزاب السياسية. نحتاج إلى حكومة تكنوقراطية مناسبة ونريد ذلك من أجل مستقبل أبنائنا”.

كما أشارت سنانا غني صالح، 50 عامًا، التي شاركت في الاحتجاجات منذ بداية شهر أكتوبر (تشرين الثاني)، حيث تقوم بالطهي وتنظيف مرحاض مؤقت، إلى أن مستقبل الشباب العراقي هو سبب احتجاجها، على الرغم من فقدها ابنها في حادث سيارة.

وقالت: “سنقدم كل الدماء اللازمة لمستقبل أرضنا وستنزل دموعنا كالصواعق على رؤوس السياسيين”، وتوعدت بأن الطريقة الوحيدة التي ستتخلى بها عن الاحتجاج ستكون “في نعشها”.

بارقة أمل

في الأيام التي سبقت استقالة عبد المهدي، بدا أن الاحتجاجات في بغداد تتراجع، لكن العنف في الناصرية وإعلان رئيس الوزراء نيته الاستقالة، جددا الحماس لما أطلق عليه المحتجون “ثورة”.

وقال سام مالك محل لبيع الكتب عند زاوية ساحة التحرير، ويخزن فيه المواد الغذائية والإمدادات الطبية لمئات المحتجين الذين ما زالوا يحتلون وسط مدينة بغداد “إنه انتصار مزدوج اليوم – استقالة عبد المهدي وفوزنا 2-0 على الإمارات في كرة القدم. هذان الإنجازان هما شرارة أمل صغيرة نحن في أمس الحاجة إليها”.

كشف سام عن أن عبد المهدي كان يرتاد بانتظام متجره الذي يديره منذ 25 عامًا، وقال: “إن رئيس الوزراء لا يزال مدينًا له بأكثر من 100 ألف دينار عراقي مقابل الكتب التي اشتراها عن طريق الائتمان”.

بينما قال حيدر عبد الرحمن الريدي، 45 عامًا من مدينة الصدر ببغداد، الذي يطعم أسرته عن طريق أعمال مؤقتة، “عبد المهدي ليس هو المشكلة ولا يقارن بمن سبقوه، مثل المالكي، الذي ابتلانا بـ”تنظيم الدولة الإسلامية (داعش)”، لكن كل من يدير البلاد منذ عام 2003 كان فاسدًا ويجب أن يحاكموا جميعًا أمام القضاء”.

كثير من المتظاهرين عاطلون عن العمل منذ مدة طويلة، بما في ذلك الخريجين الذين فشلوا في العثور على عمل في مجالاتهم.

وأضاف: “نحن بحاجة إلى أبسط الأشياء – الخدمات، وتحسين المدارس، وأنظمة التعليم والمستشفيات. الآن ليس لدينا شيء، ونحن على هذا الحال منذ 16 عامًا. وبصراحة حتى لو جاء يهودي لقيادتنا بشكل صحيح في الوقت الحالي، فسنقبله لأننا في حاجة إلى تغيير كامل للنظام”.

وأشار حيدر إلى أنه جرى إعدام الزعيم الراحل صدام حسين بتهمة قتل 96 شيعي متهم بالتورط في محاولة اغتيال عام 1982، مشددًا على أن الحكومة والبرلمان الحاليين قتلوا عددًا أكبر بكثير من الأشخاص خلال حملات القمع الأخيرة على المتظاهرين. وقال: “يجب أن يحاكموا بنفس الطريقة، وأن يُعدموا علنًا”.

تشير الأرقام الرسمية إلى أن عدد القتلى قد بلغ 409 محتجًا، في حين بلغ عدد المصابين 17 ألف و745 شخصًا، وفقًا للدكتور علي البياتي، عضو اللجنة العليا لحقوق الإنسان في العراق. وعلى الرغم من تواجده في مساعدة التحرير، يدعي البعض أن أكثر من ألف محتج فد قُتلوا خلال شهرين من المظاهرات، ولكن ليس لديهم دليل، ولا تزال ملصقات “الشهداء” الذين قُتلوا خلال الاحتجاجات بالمئات فقط.

تردد اسم صدام في العديد من جنبات بغداد، لا سيما بين سكان مدينة الصدر ذات الغالبية الشيعية.

قال محمد، صاحب المتجر “أنا لم أؤيد صدام، لكنه في الواقع منح الشعب العراقي حقوقه، مقارنة بما لدينا الآن، وعندما قتل أحد كان هناك عادة سبب لذلك. فلم يقتل الناس بشكل تعسفي كما يحدث هنا”.

وقال طالب الحقوق أيمن، 23 عامًا، “كان العراق أفضل قبل عام 2003، ونحن بحاجة إلى نظام رئاسي به شخص واحد فقط يدير البلاد، وشخص واحد فقط مسؤول. إذا بقينا على هذا الحال، كجمهورية، فلن يتغير شيء وستستمر مشكلاتنا”.

ابتهاج يشوبه الحزن والعنف المستمر

خلف المسيرات المبتهجة في أرجاء ساحة التحرير، بكت والدة أمير أحمد، المحتج الشاب الذي قُتل قبل يومين. محاطة بأصدقائه، أشعلوا قناع الغاز وخوذته، إلى جانب أسطوانات الغاز المسيل للدموع المستهلكة. ما زال بعض المصابين يتلقون العلاج في خيام بالمستشفى يوم الجمعة، خلف لافتات تفيد بـ”لا للعصي، وزجاجات المولوتوف، والأقنعة”.

يشير هذا التحذير إلى زيادة العنف داخل الاحتجاجات، التي كانت في البداية سلمية وغير مسلحة. وخلف ساحة التحرير، حيث تمتلئ حديقة مهجورة بالخيام التي تديرها منظمات مدنية مختلفة، توجد مجموعة من الرجال المسلحين بهراوات الشرطة والقضبان الحديدية أمام تمثال مضاء يتحدثون بصخب.

ارتدى معظمهم الأقنعة الطبية الزرقاء التي أصبحت رمزًا للاحتجاجات، ولكنها تعمل أيضًا على إخفاء الهويات. “لا للصور، لا للصور”، صاح أحدهم وهو يهرول ويحمل عصاه على ظهره. أوضح متظاهر آخر يُدعى أحمد: “هذا فقط لحماية النفس. نحن نحمي أنفسنا والمتظاهرين. فهناك بعض المارقين المسلحين الذين تسللوا إلى الاحتجاجات، لذا علينا حماية أنفسنا”.

على الرغم من أن الدخول إلى الاحتجاجات عبر الفتحات الموجودة في الشرفات الإسمنتية الكبيرة يخضع لرقابة خفيفة من جنود غير مسلحين يقومون بفحص الحقائب، إلا أن وجود قوات الأمن الرسمية داخل المنطقة المحتلة ضئيل للغاية، لكن موقع “ميدل إيست أي” رأى جنديًا واحدًا يبدو أنه يعمل متخفيًا.

اعترف المحتج أمير الأسدي، 28 عامًا، بأن المتظاهرين كانوا يوزعون قنابل المولوتوف بشكل روتيني على ما يسمونه “الخط الأمامي”، على بعد كيلومتر واحد خارج ساحة التحرير. وقال: “الوضع في خط المواجهة سيئ للغاية، وجرى اختراق المحتجين من قبل أعضاء الأحزاب السياسية. عندما أطلقت الشرطة قنابل الدخان، يضرب هؤلاء المتظاهرون المزيفون المتظاهرين الحقيقيين وهم يحاولون الفرار”.

وقد وصف التوتر في ميدان جيلاني حيث ينتظر المتظاهرون والشرطة إزالة أكشاك البائعين عند الغسق، قبل أن ينخرطوا في حرب شوارع لم ينتصر أحد فيها.

قال الأسدي: “يحاول المتظاهرون المضي قدمًا، لترد الشرطة بإطلاق الرصاص الحي وقنابل الدخان والعلب التي تحتوي على الغاز المسيل للدموع ورقائق الفلفل وغاز الأعصاب. ماذا علينا ان نفعل؟ ليس لدينا سوى العلم العراقي، لذلك نلقي بعض زجاجات المولوتوف، كتحذير؛ لأنه إذا فقدنا المزيد من الأرض، فسوف نفقد قوتنا”.

استقالة متأخرة للغاية بالنسبة لاضطرابات الجنوب

لم يكن لنية عبد المهدي الاستقالة تأثير يذكر في جنوب العراق، على الرغم من أن قراره جاء بعد أن أطلقت القوات الحكومية النار على المتظاهرين في الناصرية يوم الخميس أثناء محاولات فاشلة لإعادة فتح الجسور المركزية المغلقة منذ أسابيع.

الوضع فظيع، مثلما أخبر أمير، أحد سكان الناصرية، موقعنا عبر الهاتف ليلة الجمعة “هناك قتال منذ الصباح وحتى الآن”. وقال: إن قوات الأمن قتلت 55 شخصًا وأصابت أكثر من 250، 10 منهم بجروح خطيرة. وعلى الرغم من أن هذه الحملة الوحشية أجبرت عبد المهدي على الاستقالة، على حد قوله، إلا أنها لم تغير الوضع في الشارع بعد.

«إنها فوضى تامة ولا توجد سيطرة حكومية هنا على الإطلاق. لقد اقتحم المحتجون مديرية الشرطة، ولا توجد شرطة في الشوارع الآن، بل القبائل فقط مزودة بالبنادق».

عبر العديد من المتظاهرين في بغداد عن مخاوف من تدهور العاصمة إلى مستويات مماثلة. ادعى الأسدي، الذي عاد لتوه من توصيل الإمدادات إلى “خط المواجهة”، تزايد عنف قوات الأمن خلال الأيام الأربعة الماضية.

وقال: “إذا استمر سقوط الشهداء ولم يكن هناك مزيد من التقدم، فقد تصل الأمور إلى المستوى القبلي، حيث ستجتمع العشائر معًا وتتقاتل، كما يحدث الآن في الناصرية. نحن خائفون من هذا لأن العشائر قوية ولديها الكثير من الأسلحة وستصبح حربًا خطيرة”.

شاهد أيضاً

أولويات ترمب الخارجية تتقدّمها القضية الفلسطينية!

العربية- هدى الحسيني الشرق اليوم– يقول أحد السياسيين المخضرمين في بريطانيا، المعروف بدفاعه عن حقوق …