بقلم: د. باهرة الشيخلي – العرب اللندنية
الشرق اليوم- طوال حياتي وعملي في الإعلام لم يسبق أن شاهدت قوات حكومية أو حتى ميليشيات تعتدي بالضرب المبرح على النساء في العراق، كما حدث في تظاهرات العراق الحالية، حيث جابهت ميليشيات، تمويلها إيراني واضح وعناصرها من الحرس الثوري الإيراني، طالبات العراق بضرب مميت.
مازال المجتمع العراقي يستنكر الاعتداء على النساء كونه مجتمعاً متحضراً، فهو، منذ وثائقه القانونية الأولى قبل التاريخ، يدين أي انتهاك لحقوق المرأة، ويسقط في نظر المجتمع رجل يرفع يده في وجه امرأة، لكن لم يعد بوسع فاشية المستوطنة الخضراء من وسائل تدفع بها غائلة الموت الوشيك أمام تنامي الثورة الغاضبة لشباب العراق سوى التخبط في ظلاميتها الحالكة ومصيرها المحتوم، فلجأت إلى آخر أساليبها الإرهابية، وشهرت سلاحها في وجه بنات العراق اللائي شققن مع أخوتهن طريق الحرية.
هذا التصرف الوحشي أغضب عموم العراقيين وشباب الثورة، الذين أقسموا على أن كل يد تمتد إلى امرأة ستقطع، لأن الاعتداء على النساء جريمة مست المرأة العراقية بوصفها أماً وأختاً وبنتا، مما جعل أحد الشباب ينقضّ على أربعة عناصر من الميليشيات الوضيعة كانوا ينهالون بالضرب بالعصي على طالبات ويخلص الطالبات من وحشيتهم وتكرر هذا الموقف في أكثر من مكان.
إن الاعتداء على النساء تصرف طبيعي يمارسه عناصر الميليشيات الوضيعة، فهي طبيعة جبلوا عليها، فهذا ما تربوا عليه وهم لا يوقفهم دين ولا أخلاق ولا عيب ولا حرام ولا حلال، فيما تستفز العراقي مثل هذه التصرفات وتجعله يلقي نفسه في المهالك دفاعا عن المرأة.
وتداولت وسائل التواصل الاجتماعي حوادث وفيديوهات حول الاعتداء على طالبات المدارس والجامعات ومنهن طفلات بعمر الزهور، فنقلت أن أستاذاً بكلية الطب في جامعة بغداد سجّل أسماء طلبته الخارجين في تظاهرات الاثنين، واعتبرهم متغيبين عن الدوام وخصم خمس درجات من كل واحد منهم.
هذه الاعتداءات تحصل فيما يعلن البرلمان ومجلس الوزراء بيانات تتضمن خطوات إصلاحية نزولاً عند مطالب المحتجين، الذين وصفوا اللغة التي صيغت بها تلك البيانات بأنها مطاطية
وقالت الأخبار إن منتسباً إلى الفرقة 11 الفوج الثاني اللواء 44 في حيي البنوك والشعب اعتدى على الطالبات بالضرب بالهراوات والشتم والتعرض للأعراض، وأن مدير مدرسة اعتدى بالضرب على طالباته اللواتي هممن بالخروج بتظاهرة، فيما هددت مديرة مدرسة في بغداد، وزوجها قيادي في تيار الحكمة الذي يتزعمه عمار الحكيم، طالباتها إذا خرجن في تظاهرة ولما لم تنصع الطالبات لتهديداتها استدعت عناصر من الميليشيا المسلحة اعتدوا على الطالبات بالضرب.
لكن هذه الحالات غرقت في بحر الحالات الإيجابية لمعلمات ومدرسات ومديرات مدارس قدن طالباتهن في تظاهرات إلى ساحة التحرير في بغداد، ما دعم موقف المحتجين المرابطين في الساحة.
وقد ذهبت فتيات ضحية العنف الذي مارسته ضدهن الميليشيات، إذ نعت كلية الطب العام في جامعة بغداد فقيدتها الطالبة نور مروان إثر إصابتها بقذيفة مسيل دموع في رأسها، كما قتلت تلك الميليشيات الإعلامية زهرة البياتي.
والغريب في الأمر أن هذه الاعتداءات تحصل فيما يعلن البرلمان ومجلس الوزراء بيانات تتضمن خطوات إصلاحية نزولاً عند مطالب المحتجين، الذين وصفوا اللغة التي صيغت بها تلك البيانات بأنها مطاطية ومخاتلة وتتضمن وعودا مخادعة غير قابلة للتنفيذ.
كتب أحد الصحافيين العراقيين في صفحته على فيسبوك منشور ختمه بآخر كلمة تفوه بها الرئيس العراقي الأسبق صدام حسين، وهو فوق منصة الإعدام “هي هذي المرجلة”، وتقول التغريدة “عناصر الميليشيات الوضيعة تعتدي على طالبات المدارس ضرباً بالعصي.. هي هاي المرجلة؟”، في إشارة إلى أن عناصر تلك الميليشيات القذرة، وإن كانوا ذكوراً إلا أنهم لا يملكون من الرجولة وقيمها شيئاً.