الرئيسية / الرئيسية / تحليل: التداعيات الخطيرة لفشل أصدقاء إيران في العراق!

تحليل: التداعيات الخطيرة لفشل أصدقاء إيران في العراق!

بقلم: علي الهاشمي

الشرق اليوم- كلنا نعلم أن أصدقاء إيران من العراقيين، هم أصدقاء تاريخيون لكثير من القيادات في طهران، حيث بُنيت هذه العلاقات على المستوى السياسي والديني والشخصي، منذ أكثر من 30 عاما. عندما هاجرت القيادات الإسلامية السياسية الشيعية من العراق، ابتعادا عن “بطش” صدام حسين. وكانت معظم هذه القيادات في سن الشباب، وتمكنوا وقتها لحين عودتهم إلى العراق من اكتساب مهارات وخبرات سياسية وتفاوضية.

إلا أن الخبرات التراكمية والعلاقات القوية التي تم تكوينها، من قبل جميع القيادات، لم تمكنهم من بناء شخصية وطنية عراقية مستقلة، وهذا ما تم اكتشافه بعد عودة أغلب القيادات في عام 2003.

الشخصية الوطنية التي نتحدث عنها، هي الشخصية القادرة على إعطاء أولوية قصوى للمصلحة الوطنية العراقية، وتقدم استقلالية القرار العراقي، على مبدأ الوفاء لإيران كجزء من رد الجميل.

الخطير في الأمر، أن انهيار خط المقاومة الوطنية العراقية المعروف منذ أيام صدام حسين، يعني زيادة الانشقاق والتشرذم في الشبكة السياسية العراقية التي يتسع رتقها يوما بعد يوم.

إذا أردنا أن نحلل نقاط النفوذ الإيراني في العراق، سنرى أن قوته تتأتى من القيادات التي تغالب في ولائها لطهران، التي بدورها أحسنت استغلال الظرف والاستفادة منه. لذلك لا يجب علينا أن نلقي كامل اللوم على الإيرانيين.

سيأتي يوم على الشارع العراقي لا يتقبل شخصا يقدم مصلحة الأجنبي على مصلحة بلاده.

المتابع للشأن العراقي يدرك تعقيد العلاقة بين أصدقاء إيران من جهة، وبين أصدقاء أمريكا وحلفائها من جهة أخرى. والمتوقع في هذا الخصوص أن تستغل جميع الأطراف التي تدعمها أمريكا ومن يدور في فلكها، غياب الشخصية الوطنية العراقية في القيادات الشيعية التي تحكم العراق اليوم، وتغلب المصلحة الإيرانية على العراقية. وهذه ثغرة حساسة جدا، بحيث أن هناك من يروج أن القيادات الشيعية – أصدقاء إيران- عجزوا عن إثبات شخصيتهم الوطنية القادرة على إقامة علاقات سياسية واجتماعية متوازنة مع دول الإقليم ودول الجوار والتعامل مع المواقف الدولية المتغيرة.

والفكرة التي يجب أن يدركها الإيرانيون، أن هذه الثغرة أو ما يعرف بالولاء المبالغ به، ساهم في انكشاف جميع القيادات بحيث أصبح صعبا عليهم التعامل مع الموقف الدولي كواجهة لهم، أو التعامل مع الداخل العراقي من باب الوطنية، بل بات ينظر لهم بأنهم حراس المصالح الإيرانية، وأصبح ينصح بالابتعاد عنهم.

لذلك على إيران إذا أرادت أن تتعامل مع العراق كشريك مستقبلي مهم، أن تفهم أهمية الانفتاح على قيادات عراقية جديدة من خلفيات متنوعة. وأن تفهم القيادات الإيرانية أن التدين السياسي فشل بشكل ذريع في تسويق منتجاته في ظل الانفتاح العالمي سياسيا واقتصاديا واجتماعيا. 

أتوقع أن الوقت قد حان بالنسبة للإيرانيين أن يعملوا على إعادة تقييم ادواتهم ومعاييرهم بخصوص كثير من العلاقات والشراكات في العراق تحديدا.

وعلى إيران أن تعلم أيضا أن دعمها أو تعاملها مع شخصيات وطنية عراقية، لا يعني ذلك ضعفا في موقفها، بل قوة لها وللعراق. الذي يستطيع وقتها أن يوازن العلاقة بين كل الأطراف. ويمنع التغول الأمريكي، والتطبيع الإسرائيلي الذي أصبح على أبواب كل الدول.

على الساسة في إيران وعلى أصدقاء إيران أيضا التفكير بكل جدية، بأن استقلالية العراق وقراره السيادي، من مصلحة الجميع. ونحن كعراقيين بفعل كل المجريات والأحداث أصبحنا أكثر وعياً، وأصبح الشارع العراقي يمتلك نظرة نقدية وتحليلية.

لا تكن إيرانيا أكثر من الإيرانيين

كل العراقيين ساسةً ومواطنين، يتقبلون وجود شخصيات إيرانية على أراضينا، بحكم الاتفاقات الدولية والمصالح المشتركة بين الدوليتين، لكننا لا نقبل وجود شخصيات لبنانية تمارس أدوارا غير مفهومة وغير مبررة في الساحة العراقية.

ولا يستطيع الشارع العراقي بكل مكوناته أن يتفهم وجود شخص عراقي، أصبح إيرانياً أكثر من الإيرانيين أنفسهم، حتى الإيرانيين أنفسهم يمقتون هذا التزلف.

يجب إعطاء مزيد من الاهتمام لهذه الأخطاء والثغرات التي تحدثنا عنها، لأنها تشكل معول هدم لخط المقاومة العراقي، كما أنها تعمل أيضا على تحييد القدرة العراقية الوطنية التصدي لأي نفوذ أجنبي جديد داخل العراق.

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …