الرئيسية / الرئيسية / تحليل: أطلقوا الحوار ولا تطلقوا الرصاص

تحليل: أطلقوا الحوار ولا تطلقوا الرصاص

بقلم: علي الأوسي

 الشرق اليوم- الأوضاع العامة في العراق مأزومة، وتعاني الكثير من الأزمات الاقتصادية والسياسية والأمنية والاجتماعية والصحية، ويعاني المواطن العراقي من ضغوط تلك الأزمات بشكل حاد جدا والتي من أكثرها وطأة البطالة والفقر وفقدان فرص العمل، وأكثر مايستفز المواطن انتشار ظاهرة الفساد والثراء غير المشروع واستغلال السلطة وحالة التفاوت الطبقي التي أصبحت تقسم المجتمع إلى طبقتين: طبقة غنية مترفة جداً صعدت بسرعة البرق إلى الثراء الفاحش وطبقة فقيرة معدمة تبحث عما يسد قوت يومها وفاتورة دواء تعالج بها مرضها.

هذه الأسباب تُحرك عند الناس حالة التذمر والرفض والاحتجاج وربما حتى الثورة، ولو كانت مثل هذه الظروف والأوضاع عند شعب آخر لما صبر عليها طويلاً ولخرج يدافع عن مظلوميته ويطالب بحقوقه المهضومة، لم يكن الناس في فرنسا يعانون من ثقل الحياة وشدتها التي يعاني منها العراقيين ومع ذلك خرج الفرنسيون في حركة ل “لسترات الصفراء” احتجاجاً على (أوضاعهم المعيشية)، حيث استمر أصحاب السترات الصفراء بالتظاهر في باريس ومدن فرنسية أخرى لأسابيع متتالية في شوارع باريس لاسيّما في الشانزليزيه، لكن قوات الشرطة ومكافحة الشغب لم تستعمل الرصاص الحي ولا القوة المفرطة كما أن الرئيس الفرنسي ماكرون، ورئيس وزرائه تراجعوا عن بعض إجراءاتهم الاقتصادية وفتحوا قنوات تواصل وحوار مع المتظاهرين أصحاب السترات، وأشركوا مؤسسات ومنظمات مجتمع مدني أخرى في الحوار وفتحوا أبواب ونوافذ الاقتراحات والحوار مع الجمهور والنقابات حتى استطاعوا تهدئة الأمور.

وفي الجزائر التي هي من عالمنا الثالث لا يزال الحراك الشعبي يواصل تظاهراته لعشرات الأسابيع جمعة بعد جمعة مع سقوف مطالبه العاليه ولم يتعرض له الجيش وقوات الأمن بسوء، فيما استجابت السلطات لبعض مطالبه بإقالة واستقالة رؤوس الفساد وتقديم بعضهم إلى المحاكمات، فيما تواصل فتح باب الحوار مع الحراك الشعبي .

مطالب الجماهير في العراق مطالب عادلة وحتى رجالات السلطة ورجالات الكتل السياسية ومحازبيهم ومناصريهم والمرجعية الدينية يؤكدون عدالة هذه المطالب ويُقرّون بالفشل في خصوصاً بعد انتشار البطالة وشيوع الفساد ونهب الدولة. هذا الإقرار وهذا الاعتراف يتطلب تفهم حالة التذمر والرفض الجماهيري والتعاطي الإيجابي مع المتظاهرين والمظاهرات وليس التعامل معهم بهذه القسوة والشدة وحتى استخدام الرصاص الحي.

إن عمليتنا السياسية وصلت الى طريق مسدود والمشاكل والأزمات تتراكب وهي بحاجة إلى حلول وليس إلى إطلاق الرصاص الحي ، ومفتاح الحلول في الحوار، إذ يجب أولاً إطلاق حوار جاد في مناقشة أوضاع العراق الراهنة ومآلاتها الخطيرة التي لا ينبغي أن تُترك على حالها من أجل الوصول إلى حل .

شاهد أيضاً

أوكرانيا

العربية- عبدالمنعم سعيد الشرق اليوم– فى العادة فإن الاستدلال عن سياسات إدارة جديدة يأتى من …