الرئيسية / افتتاحية الشرق اليوم / “بين حناجر المتظاهرين وبنادق مكافحة الشغب” …. العراق إلى أين؟

“بين حناجر المتظاهرين وبنادق مكافحة الشغب” …. العراق إلى أين؟

الشرق اليوم- حالة من الترقب عاشتها العاصمة العراقية بغداد، صباح  أمس الثلاثاء بعد الدعوة التي ضجت بمواقع التواصل الاجتماعي والداعية للتظاهر في ساحة التحرير وسط بغداد. للمطالبة برحيل حكومة رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، إثر قراره الأسبوع الماضي، استبعاد الفريق الساعدي، الذي اضطلع بدور كبير في تحرير الموصل من قبضة تنظيم “داعش”. ومطالبين كذلك بمحاربة الفساد والبطالة وسيطرة الأحزاب الدينية على مؤسسات الدولة. بالإضافة إلى طلبهم الرئيس وهو توفير فرص العمل للشباب العراقي.

الأجهزة الأمنية نجحت في تفريق التظاهرة، في الصباح، لكنها بوغتت وعانت كثيرا في التحكم بزمام أمور التظاهرة المسائية، جراء زيادة أعداد المحتجين في ساحة التحرير، وأخرين في مدينتي الناصرية والبصرة وجنوب العراق، لكن أعداد المحتجين هناك كانت أقل من العاصمة.

هل ما يحصل بالعراق هو حالة من الخنق السياسي والمعيشي التي ما عاد المواطن تحملها، جراء انسداد أفق الانفراج؟ أم أن ما يحصل هو حدث آني يمر مرور الكرام وينتهي بعد فترة حاله حال أكثر أحداث التظاهرات التي سبقته؟

كانت التظاهرات في العراق، عادة ما تثير القلق لدى الطبقة الحاكمة. لكن مهاراتها في المراوغة دائماً ما كانت تحسم النتيجة النهائية لصالحها وتجعل التظاهرات من دون جدوى.

يذكر أن حركات الاحتجاج في العراق نشطت منذ العام 2011، وعادت في العام 2015 حتى نهاية 2018، حمل جلّها شعارات مطالبة بإصلاح النظام ومحاربة الفساد وتوفير الخدمات. وفي كل مرة كانت كفة الحكومة هي الراجحة. ففي 2011 نجحت حكومة نوري المالكي في استخدام القوّة ضد المتظاهرين، وفي 2015 تمكنت حكومة حيدر العبادي من بحرف مسار التظاهرات من المطالبة بتوفير الخدمات وتحسينها إلى رفع شعار الإصلاح والتعاطي معها كتهديد أمني لمؤسسات الدولة، إلا أن تظاهرات تموز 2018 في البصرة، كانت الضربة القاضية على آمال العبادي بالولاية الثانية.

في الأيام القليلة الماضية، ظهرت دعوات للتظاهر “الثوري” في بغداد ضد الأحزاب الفاسدة. وقد حددت صباح أمس الثلاثاء موعدا للتجمع وسط العاصمة، ليعلن قادة في التيار الصدري، أن لا علم لهم بالجهات المنظمة لهذه التظاهرة، نافين المشاركة فيها، وهو ما أكده زعيم الحزب مقتدى الصدر في تغريدة على “تويتر”: والذي طالب الرئاسات الثلاث (الجمهورية والحكومة والبرلمان) بفتح “تحقيق عادل” بما حدث اليوم في ساحة التحرير وسط بغداد، من أعمال عنف رافقت الاحتجاجات. فيما قال نشطاء في التيار المدني، الذي يشارك الصدريين حركة الاحتجاج منذ أعوام، إنهم لم يطلقوا دعوات للتظاهر في هذا التوقيت. وبسبب غموض الجهة الداعية للتظاهرة، حذر نشطاء من أنها قد تكون فخا، أو نوعا من المؤامرات، فيما سارع قادة الأحزاب الإسلامية إلى اتهام حزب البعث المحظور، بتنظيم هذا الحراك.

ليتجمع نحو ثلاثة آلاف متظاهر في ساحة التحرير، بشعارات تنوعت بين المطالبة برحيل الطبقة السياسية ومحاربة الفساد وتوفير فرص العمل. وردد المتظاهرون شعار “باقونا الحرامية”، في إشارة إلى الطبقة الحاكمة في البلد الذي يحتل المرتبة 12 في لائحة الدول الأكثر فسادا في العالم، بحسب منظمة الشفافية الدولية. لتهرع قوات مكافحة الشغب نحو المكان، وقطعت الطرق التي تصل إليه، وعمدت إلى تفريق المحتجين عبر رشهم بالمياه الساخنة. مسفرةً عن عدد من القتلى والجرحى.

نقيب الصحفيين العراقيين محمد اللامي علق على الأحداث الجارية في بغداد، في سلسلة تغريدات على “تويتر” قال فيها:

يعاني العراق، الذي أنهكته الحروب، من انقطاع مزمن للكهرباء ومياه الشرب منذ سنوات. فضلا عن فساد متفشّ في مؤسسات الدولة وانعدام فرص العمل للخريجين، واستحواذ طبقة سياسية مرتبطة بالأحزاب الدينية الحاكمة على غالبية ثروات البلد. وبحسب تقارير رسمية، فمنذ سقوط نظام صدام حسين في العام 2003، اختفى نحو 450 مليار دولار من الأموال العامة، أي أربعة أضعاف ميزانية الدولة، وأكثر من ضعف الناتج المحلي الإجمالي للعراق.

وبعيداً عن البحث عن أسباب هذه التظاهرات، فما هو مؤكد وواضح هو أن جلّ شعب العراق يعيش حالة من الاستسلام مواجهة الفقر والبطالة والفساد والاستقواء بالسلاح وغياب العدالة وتخلي المؤسسات عن واجبها الخدمي وانعدام القدرة على التغيير، فالعراق ولعقود سلفت، لم يشهد حياة سياسية سليمة. بل كانت تتمحور حول صراع تعنون بالعنف بين الأحزاب الساعية للوصول إلى السلطة أو الحفاظ عليها.

ما حدث في الآونة الأخيرة ويحدث حالياً، يعد حالة فريدة من نوعها في التاريخ العراقي الحديث –على الأقل- قد تسفر عن أحداث ونتائج لم تكن يوماً تخطر على بال سياسي أو حزبي أو حتى مواطن عراقي.

شاهد أيضاً

قادة مجموعة العشرين يدرسون ضريبة عالمية على المليارديرات

الشرق اليوم– حث قادة مجموعة العشرين على فرض ضريبة عالمية على المليارديرات لتمويل مشاريع حيوية …