BY: David M. Primo – New York Times
الشرق اليوم- كان التاريخ الأمريكي في يوم 31 يوليو، على موعدٍ مع أحد أكبر حوادث إفشاء المعلومات الفردية عن صغار المانحين. في ذلك اليوم، نُشرت أسماء وعناوين ومهن وأرباب عمل ما لا يقل عن 2.3 مليون من الأمريكيين الذين تبرعوا بأموال لحملات المرشحين الديمقراطيين في انتخابات 2020، وأصبحت متاحة على قارعة الإنترنت أمام الجميع.
لم يكن الجناة هم المتسللون الروس أو العاملون الناقمون في مجال التكنولوجيا، ولكن كانوا المرشحين الديمقراطيين للرئاسة والحكومة الفيدرالية. كيف يمكن أن يحدث هذا؟ قد يكون الجواب معقد، كما هو حال كل الأمور المتعلقة بالتمويل، ولكنه أيضا مثير للقلق؛ لأنه يُبرِز كيف يمكن للشفافية في تمويل الحملات أن تتجاوز الحدود.
تقوم منظمة “أكت بلو”، بمساعدة الديمقراطيين في الانتخابات المحلية والحكومية والفيدرالية على جمع التبرعات عبر الإنترنت، وتخفف عن عاتق الحملات عبء القلق من الجانب التقني، لكنها في المقابل تسببت في إفشاء بيانات المانحين. المرشحون الديمقراطيون يستعينون بهذه المنظمة، التي تجعل بمقدورهم جمع تبرعات من المانحين الذين يقدمون مبالغ ضئيلة لا تتجاوز الدولار. وفي كل مرة يقدم شخص تبرعا لحملة مرشح رئاسي عبر موقعها الإلكتروني، تجمع المنظمة معلومات المانح، ثم تبلغ بها لجنة الانتخابات الفيدرالية، التي بدورها تضع هذه المعلومات على شبكة الإنترنت.
لكن ما تخفيه المنظمة في سياسة الخصوصية الخاصة بها (والتي لا يقرأها أحد)، هو أنها مُلزَمة قانونا بإرسال اسمك وعنوانك إلى جانب اسم المرشح الذي تتبرع له، بالإضافة إلى حجم مساهمتك إلى لجنة الانتخابات الفيدرالية. حيث تقوم المنظمة بدور “وسيط” لجمع التبرعات للحملات الانتخابية. وبموجب القانون الفيدرالي، يجب الكشف عن اسم وعنوان المساهمين الذين يتبرعون للمرشحين من خلال الوسطاء، بغض النظر عن مقدار المبلغ المقدم. بيد أن لوائح الإفصاح أُنشِئت قبل أن تصبح تلك التبرعات الصغيرة أمرا مهما في السياسات الرئاسية بسنوات.
قد يتساءل البعض عن الضرر الناتج عن تلك الإفصاحات، قائلين: إن الأمريكيين الذين يقدمون مبالغ صغيرة للمرشحين الديمقراطيين قد يريدون أن يعرف العالم الشخص الذي يدعمونه كرئيس. لكننا مع ذلك نعلم أن بيانات المانحين تسببت في إقالة أشخاص من وظائفهم. واستشهد المقال بالاستقالة القسرية للرئيس التنفيذي لموزيلا في عام 2014، بسبب تبرعه لدعم “المقترح 8” في كاليفورنيا، الذي يدعو لحظر زواج المثليين في الولاية .
وبالمثل يمكن استخدام بيانات المانحين للتطفل على الجيران أو مضايقتهم. حتى السياسيين فعلوا ذلك: فبعد أيام من الكشف عن بيانات “أكت بلو” أعلن النائب خواكين كاسترو، وهو ديمقراطي من تكساس، أسماء الجهات المانحة لحملة دونالد ترامب، بما في ذلك أسماء أصحاب الأعمال الصغيرة.
وفي وقت ينظر فيه الأمريكيون على نحو متزايد إلى أعضاء الحزب السياسي المعارض كأعداء، يجب إعادة النظر في قوانين الكشف عن المتبرعين للحملات الانتخابية، خاصة أصحاب التبرعات الصغيرة. أو على الأقل ينبغي أن يُطلب من جميع المرشحين للمناصب الفيدرالية ووسطائهم التوضيح أثناء التبرع أن تلك المساهمة ستؤدي إلى نشر المعلومات الشخصية على الإنترنت.
لكن “أكت بلو” والمرشحين الذين يستخدمون خدماتها، لا يتعين عليهم انتظار تغيير القواعد، حتى يتحركوا. في الوقت الحالي يمكن أن تجعل المنظمة، طبيعة الإفصاحات المطلوبة أكثر وضوحا على صفحات التبرع للمرشحين، بدلا عن الإشارة فقط إلى تلك المتطلبات في سياسة الخصوصية الخاصة بها. كما يمكن أن يتعهد المرشحون من جانبهم بالتوقف عن جمع مساهمات صغيرة من الجهات المانحة عبر “أكت بلو”، حتى يحدث هذا التغيير. وعند القيام بذلك سيكونون قد اتخذوا خطوة أولى نحو حماية المعلومات الشخصية لملايين الأمريكيين الذين لا يمتلكون سببا للاعتقاد بأن عرضا صغيرا لدعم مرشح رئاسي سيصبح علنيًا أمام العالم.