By: Ishaan Tharoor – The Washington Post
الشرق اليوم- إن المهارات الوليدة لمستشار البيت الأبيض جارد كوشنر في الدبلوماسية، قد تبدو باهتة إذا ما قورنت مع شعوره غير المقصود تجاه التوقيت الكوميدي.
وصول كوشنر إلى إسرائيل يوم الخميس، لحشد الدعم لخطة الإدارة للسلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين، تزامن مع انهيار البرلمان الإسرائيلي، وسط أزمة سياسية غير مسبوقة.
حيث فشل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، حليف ترامب الحميم والصديق لعائلة كوشنر، في تشكيل ائتلاف حاكم، واضطر إلى حل الكنيست، والدعوة إلى انتخابات جديدة في أيلول.
نتنياهو كان قد انتزع في نيسان ما اعتقد أنه انتصار ضيق ضد منافسين من تيار الوسط، لكن ما عطل عليه هو منافسوه في اليمين الإسرائيلي، ولذلك شهد نتنياهو تفويضه ينهار، وربما يكون هذا أيضا هو نهاية قانون الحصانة الذي كان يأمل أن يمرره في الكنيست ليتجنب المحاكمة.
لا يزال نتنياهو في طريقه ليصبح رئيس الوزراء الإسرائيلي الأكثر حكما في وقت لاحق من هذا الصيف، لكن في ظروف بالتأكيد أنه يبغضها، وبالنسبة لكوشنر، الذي دخل هذا الغضب العارم مع مبعوث الشرق الأوسط جيسون غرينبلات والمسؤول الكبير في وزارة الخارجية الأمريكية بريان هوك، فإن تلك حالة تعيسة.
غرد الدبلوماسي الأمريكي السابق مارتن إنديك، الذي عمل في مفاوضات السلام في الشرق الأوسط سابقا: “هذا خطأ من تنقصه الخبرة، فالجميع في إسرائيل والعالم العربي كان سيتفهم لو تجاوزوا هذه الرحلة، ولا أحد، خاصة نتنياهو، لديه وقت ليتحدث عن السلام في هذه الظروف الفوضوية”.
في الواقع فإن هناك القليل الذين عولوا على مقدرة كوشنر بأن يحيي عملية سلام محتضرة، فسلسلة الخطوات التي قامت بها إدارة ترامب لتقديم التنازلات لإسرائيل وتقوية نتنياهو سياسيا، تعني بأن اقتراحاتهم لن تلقى ترحيبا فلسطينيا.
يحاول كلا من كوشنر وغرينبلات حشد الدعم “لورشة اقتصادية” تقام في البحرين في آخر أسبوع من الشهر الجاري، ويأملان بأن يجمعا مليارات الدولارات لمشاريع التطوير الفلسطينية، مستدركا بأنه تم رفض المؤتمر من عدد من الدول الإقليمية الفاعلة والقوى الدولية، ورفضه السياسيون الفلسطينيون ورجال الأعمال، الذين يبحثون عن حل سياسي لاحتلال أرضهم، ليس لما يرونه بأنه إغراءات مالية تهدف إلى شراء إذعانهم.
تأخرت إدارة ترامب في الكشف عن خطتها بسبب حساسية انتخابات نيسان/ أبريل الماضي في إسرائيل، وبدخول دورة انتخابات جديدة فإن أي سياسي إسرائيلي لا يريد أن يظهر بأنه يقدم تنازلات للفلسطينيين، وهذا يعني أن أقرب وقت لطرح المبادرة سيكون في نوفمبر، لكن بالنظر إلى ما تقتضيه الحملة الانتخابية لترامب لعام 2020، فإن ترامب قد يفكر بأنه من الأفضل عدم طرح مبادرة فاشلة على الساحة العالمية
تورد الصحيفة نقلا عن السفير الأمريكي السابق لإسرائيل خلال إدارة أوباما، دان شابيرو، قوله للصحفية لوفداي موريس: “أعتقد أن خطة ترامب للسلام مجمدة إلى إشعار آخر الآن”، وأضاف شابيرو معلقا على اجتماع يونيو في البحرين، قائلا إنه سيكون “قمة اقتصادية للأشباح”، في دعم “خطة سلام سرابية”.
بعد أن صوت الكنيست على حل نفسه ، فإن المسؤول الفلسطيني صائب عريقات قال ساخرا، إن “صفقة القرن” ستكون على أفضل تقدير “صفقة القرن القادم”.
مع ذلك فقد حاول نتنياهو وكوشنر أن يظهرا بمظهر الشجعان، فقال رئيس الوزراء الإسرائيلي مبتسما أمام الكاميرات: مع أنه كانت لدينا حادثة بسيطة، إلا أن ذلك لن يوقفنا، سنستمر في العمل معا.
يستخدم نتنياهو تقاربه مع ترامب كونه أحد الأسباب التي تجعل الناخب الإسرائيلي يختاره، وفي محاولة لإنعاش نتنياهو قام كوشنر بتسليمه خارطة لإسرائيل وما حولها موقعة من ترامب، أظهرت الجولان جزءا من إسرائيل، وكانت إدارة ترامب قد اعترفت بضم إسرائيل للجولان في وقت سابق من هذا العام، وهو ما أزعج معظم المجتمع الدولي، وأبرز ترامب هذا التحرك برسم سهم يشير للجولان وكتب عليه كلمة (Nice).
لم تواجه إدارة ترامب ردة فعل قوية عندما قطعت المساعدات عن الفلسطينيين بسبب قيام دول الخليج وأوروبا بتغطية ذلك، لكن نقص المساعدات وتوقف إسرائيل عن تحويل أموال الضرائب للسلطة الفلسطينية تسببا بأزمة في الميزانية، قد تؤدي بالسلطة الفلسطينية إلى الإفلاس خلال عدة أشهر.
ليس من الواضح مدى عمق تفكير ترامب في أفعاله تلك، فقد كانت السلطة الفلسطينية مؤسسة دعمتها أمريكا لسنوات، نظرا لأنها الوسيلة للوصول إلى الدولة الفلسطينية، وتعاونها مع القوات الإسرائيلية ضروري لأمن الأخيرة.
ظن كوشنر وترامب أن هذا الضغط الاقتصادي على الفلسطينيين سيجعل المفاوض الفلسطيني يرضخ لإرادتهما، لكن من الواضح أن ذلك لم ينجح، وفي الوقت ذاته فإن فرص تنامي العنف والتوتر، ستزيد في ظل غيابحكومة اسرائيلية مستعدة لتليين موقفها. الانتخابات في سبتمبر، قد لا تمنح الكثير من الراحة، وقد تتعب الدول العربية والأوروبية من تمويل حل للدولتين، لم تعد واشنطن أو القدس تؤمنان به.