بقلم: دانييل ديبتريس – ذا ناشونال إنتريست
الشرق اليوم- إن نشر مقاتلة بي52 في منطقة الخليج العربي، وتزايد المخاوف من قيام الجماعات المسلحة الموالية لإيران بعمليات ضد الولايات المتحدة في المنطقة، يعني أن البلدين يقفان على بعد خطوة من حرب شاملة تندلع بسبب سوء في التقدير، وهي بالضرورة حرب لا يريدها أي منهما.
إن صعود كل من مستشار الأمن القومي جون بولتون، ووزير الخارجية مايك بومبيو، اللذين قضيا مسيرتهما المهنية وهما يدعوان إلى تغيير النظام الإيراني، ساعد على إثارة حالة غير ضرورية من التصعيد، في وقت يفضل فيه الرئيس دونالد ترامب التفاوض. إن خطورة الوضع الحالي هي نتاج للسياسة الأمريكية تجاه إيران، التي عانت طوال العقود الماضية من أخطاء، فالدفع ذو الآثار العكسية باتجاه الحرب مع إيران، للتخلص من أسلحتها غير المرغوبة، قائم على أساس لا تدعمه الحقيقة حول قوة إيران في المنطقة، وموقعها الاستراتيجي، وقراءة غير جيدة لما يمكن للعقوبات أو الضغط العسكري تحقيقه.
إن نخبة صناع السياسة الخارجية في واشنطن تريد خداع الشعب الأمريكي حول الشرق الأوسط، وفي الحقيقة فإن المؤسسة في واشنطن لم تتكيف مع الواقع الاستراتيجي في المنطقة، فأعضاء المؤسسة يبالغون في تقدير أهمية المنطقة، ويفرطون في تعريف المصالح الأمريكية، هذا إن قاموا بتحديدها أصلا، وبالنسبة لهم فإن المنطقة مهمة من الناحية السياسية والاقتصادية نظرا لوفرة احتياطات النفط.
المصالح الأمريكية في الشرق الأوسط ضيقة للغاية، وتقوم على تجنب أي توقف لتدفق النفط، ومنع ظهور هيمنة إقليمية، والتخلص من التهديدات المعادية للولايات المتحدة، وهي أهداف قابلة للتحقيق ولا تحتاج أمريكا إلا القليل لتنجزها.
إيران، مثل بقية الدول في المنطقة، أظهرت أنها لن تخضع للضغوط الخارجية، وسيرد الإيرانيون بتحد وليس باستسلام، ولن تقبل الولايات المتحدة دولة تفرض عليها مطالب، ويجب ألا نفاجأ من الموقف الإيراني الرافض، فطهران استطاعت الصمود في حرب الثماني سنوات مع العراق، الذي كان متفوقا عليها من الناحية العسكرية ويحظى بدعم من الغرب، في وقت كانت فيه إيران معزولة وتواجه حظرا لاستيراد السلاح. العدوانية الأمريكية ضد إيران لن تؤدي إلى تغيير سلوكها، بل ستؤدي إلى معاداة ضد أمريكا، وبهذه الطريقة تبدأ الحروب.
يجب على إدارة ترامب في هذه الحالة التركيز، في المدى القريب، على التخفيف من حدة التصعيد، قبل أن يقود إلى حرب كارثية جديدة في الشرق الأوسط، ولن تتحقق مصالح الأمن القومي الأمريكية من خلال دعم طرف في منطقة مزدحمة بالمتنافسين، وفي النهاية يجب التركيز على ما هو مهم لأمريكا، بدلا من التركيز على حل مشكلات المنطقة.