الشرق اليوم- عزّز التحشيد العسكري الأميركي في الخليج خلال الأسابيع الماضية التكهنات باحتمال اندلاع نزاع في المنطقة، ولا سيما أنه جاء بعد عام من انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مع إيران، وترافق مع إدراج الحرس الثوري الإيراني على اللائحة السوداء الأميركية.
لكن سحب واشنطن موظفيها ودبلوماسييها غير الأساسيين من العراق وسقوط صاروخ كاتيوشا الأحد الماضي على المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد، التي تضم سفارات أجنبية عدة بينها الولايات المتحدة، يظهر أن “هناك من يريد جرّ طهران وواشنطن للمواجهة” في العراق بحسب ما يقول المحلل السياسي العراقي عصام الفيلي لوكالة فرانس برس.
يضيف الفيلي، “هناك من يريد أن يقاتل إيران بغير سلاحه، ومن يريد أن يقاتل الولايات المتحدة بغير سلاحه”.
وأشار مسؤولون أميركيون إلى أن الخطوة الأميركية بسحب الموظفين غير الأساسيين من العراق جاءت على خلفية “تهديدات” مصدرها إيران و”مليشيات عراقية تحت سلطة الحرس الثوري الإيراني”، في إشارة الى فصائل الحشد الشعبي التي تشكلت بفتوى المرجعية الدينية الشيعية الأعلى في العراق لقتال تنظيم “داعش”، وتضم تنظيمات مقربة من إيران.
وبعد سقوط الصاروخ، اعتبر زعيم عصائب أهل الحق قيس الخزعلي أن ما حصل “مصلحة إسرائيلية”، فيما لفت قائد منظمة بدر، هادي العامري إلى أن “كل أطراف الحرب لا تريد الحرب”، بينما أكدت كتائب حزب الله العراقية أن الهجوم “غير مبرر”.
يوضح الخبير في شؤون الشرق الأوسط لدى معهد العلاقات الدولية والإستراتيجية في باريس، كريم بيطار، أن “الخطاب التحريضي خلال الأسابيع الماضية يصب مباشرة في مصلحة المتشددين في إيران، لكنه في الوقت نفسه يفرح السعودية وإسرائيل المصممتين على تسوية حسابات قديمة مع طهران”.
وأشار بيطار، إلى أن “المخاطر كبيرة، لدرجة أن أذرع إيران في العراق لا يمكنها التصرف من دون ضوء أخضر من قاسم سليماني والحرس الثوري الإيراني، وعليه، فإن واشنطن وطهران تعرفان جيدا أن المواجهة الشاملة لا رابح فيها، وستكون مدمرة لكليهما”.
يقول المحلل السياسي، هشام الهاشمي، “بحسب تجربة سابقة، لن تكون هناك حرب مباشرة. فالولايات المتحدة تعتمد على الإنهاك الاقتصادي الذي قد تصاحبه ضربات جوية محدودة لاستنزاف العمق الإيراني”. ويضيف “قد تستعين واشنطن أيضا بسلاح الجو الإسرائيلي لتنفيذ ضربات نوعية وقطع أوصال حلفاء إيران في العمق السوري واللبناني والعراقي”. وغالبا ما تقصف إسرائيل مواقع أو شحنات سلاح لحزب الله في سوريا، حيث يقاتل إلى جانب قوات النظام السوري، كما أعلنت خلال الأشهر الماضية قصف أهداف إيرانية في سوريا.
يرى الباحث في معهد الشرق الأوسط بجامعة سنغافورة، فنر حداد، أن العراق يدفع ضريبة تجاذبات واشنطن وطهران، ما “يعطيه موقعا لا يحسد عليه في خط المواجهة في أي نزاع مستقبلي بين الطرفين”.
يذكر أن العراق، يحتفظ بمصالح حيوية مع الدولتين المتعاديتين، فقد دعمته واشنطن في حربه على تنظيم “داعش”، ولا سيما عبر الضربات الجوية التي نفذها التحالف الدولي بقيادتها، بينما جهزت طهران فصائل الحشد الشعبي بالسلاح والتدريب والمستشارين العسكريين.
المصدر: AFP + الجزيرة.نت