بقلم: د. فايز أبو شمالة – الرأي اليوم
الشرق اليوم- قبل سبعين سنة، قال ديفيد بن غوريون رئيس أول مجلس وزراء إسرائيلي: نجحنا في تشكيل حلف الضاحية، الحلف الذي تكوّن من ثلاث دول غير عربية وهي: تركيا وإيران وأثيوبيا، وكان الهدف من تشكيل حلف الضاحية هو محاصرة دول الطوق العربي في حينه.
منذ عدة سنوات، انتقلت تركيا وإيران من خانة حلف الضاحية مع إسرائيل إلى خانة العداء، وتعارض المصالح مع إسرائيل، والتنافس المكشوف على مناطق النفوذ، فصار تدمير قدرات تركيا وإيران هدف استراتيجي إسرائيلي، ظهرت معالمه من خلال السياسة الإسرائيلية المعادية للدولتين، ومن خلال الممارسات الميدانية التي بدأت بقصف القوات الإيرانية في سوريا، وبدأت بالتآمر على القدرات التركية الاقتصادية والتطويرية وحتى المصالحة المجتمعية.
ولما كان التخلص من القدرات الإيرانية وتأثيرها في المنطقة أكبر بكثير من طاقة إسرائيل، وهذا ما اعترف به قادة الأجهزة الأمنية الإسرائيلية المعنية بالأمر، وعلى رأسهم يوفال ديسكن رئيس جهاز الشاباك، ومئير دجان رئيس جهاز الموساد، وآفي اشكنازي رئيس الاركان الإسرائيلي، حين رفض الثلاثة، في سنة 2009 أوامر المستوى السياسي في قصف وتدمير المفاعل النووي الايراني، ورفضوا تنفيذ الأوامر نفسها للمرة الثانية في سنة 2010، بحجة عدم قانونية المجلس الوزاري المصغر، لذلك حرضت إسرائيل القدرات الأمريكية لتنفيذ المهمة مستعينة بحلف الدول الخليجية، والهدف النهائي هو الانتقال بالمجتمع الإسرائيلي من دائرة القلق إلى دائرة تحقيق الأطماع في مجالين مهمين:
الأول: تدمير قدرات المقاومة الفلسطينية واللبنانية دون التورط معها في معارك خاسرة، فإسرائيل تعرف أن سلاح المقاومة الفلسطينية الذي قصف تل أبيب يعتمد على الدعم الإيراني، ومزود بالتكنولوجيا الإيرانية، وبعض السلاح تم تهريبه إلى غزة بشكل مباشر، من هنا، فإن تدمير مصدر السلاح والصواريخ أهون على إسرائيل من تدمير قدرة مطلقي هذه الصواريخ.
الثاني: توفير الأرضية السياسية المناسبة لحل القضية الفلسطينية وفق الأطماع الإسرائيلية الواردة في صفقة القرن، وهذا الحل مشروط بالتخلص من العدو الإيراني المشترك لكل من إسرائيل وحلفائها من الدول العربية.
فهل ستنجح إسرائيل في إشعال النيران في أحد أركان حلف الضاحية دون أن تحترق؟
هذا السؤال مرتبط بقدرات اللوبي الإسرائيلي على التحريض، وباستعداد الجيش الأمريكي للتصعيد الميداني ضد إيران، ولكن المؤكد أن نقطة الضعف الرئيسة في معادلة المواجهة هذه، هي نقطة القوة المحرضة على المواجهة، فإسرائيل نفسها أضعف حلقة في أي مواجهة قادمة، وهي الأكثر عرضة للدمار والهلاك والفناء في حال اتساع مجال النيران.
فهل ستشعل إسرائيل نيران حرب في الغابة التي تأكل معظم فرائسها؟ وهل ستشعل إسرائيل حرباً في منطقة تعج بالصواريخ التي ستغطي سماءها وأرضها وشمالها وجنوبها؟ أزعم أن مصلحة إسرائيل في هذه المرحلة هي مهادنة غزة بالتحديد، والاستجابة لكل شروط المقاومة، كي تظل غزة في منأى عن المواجهة القادمة إن تحققت.