بقلم: سلام سرحان – صحيفة العرب
الشرق اليوم- تشير خلاصة التحركات والمواقف المتباينة إلى أن العد التنازلي لإلزام العراق بوقف اعتماده على إمدادات الكهرباء والغاز الإيرانية قد بدأ بالفعل.
من الواضح أن محور الخلافات يتعلق بالتوقيت فقط وضغوط أشهر الصيف العراقي اللاهب، الذي يرتفع فيه الطلب على الكهرباء ويرتفع معه سخط العراقيين واحتجاجاتهم على عجز الحكومة عن توفير الكهرباء رغم تبديد عشرات مليارات الدولارات منذ عام 2003.
وفي هذا الإطار يمكن تفهم إعلان وزير الكهرباء العراقي لؤي الخطيب أن بغداد أبلغت الإدارة الأميركية بحاجتها إلى استيراد الطاقة الكهربائية والغاز من إيران.
ورغم أن الوزير قذف موعد تحقيق الاكتفاء الذاتي في توليد الطاقة الكهربائية إلى عامين أو 3 أعوام، إلا أن الملفات الأخرى مثل العقد الشامل مع شركة سيمنز الألمانية وتحركات الربط الكهربائي مع دول الخليج ترجح إيقاف الإمدادات الإيرانية في الخريف أو الشتاء المقبلَيْن.
في خلاصة جميع المؤشرات، يبدو أن العراق سيوقف اعتماده على إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية بعد فصل الصيف
هناك مؤشرات على أن واشنطن يمكن أن تقبل تمديد إعفاء بغداد من الالتزام بالعقوبات الأميركية خلال فصل الصيف من أجل الحفاظ على استقرار العراق ومنع اندلاع احتجاجات قد تستغلها الأطراف العراقية الموالية لإيران في إحداث ارتباك في إمدادات النفط العراقية من أجل تخفيف القيود على صادرات إيران.
ويؤكد ذلك إعلان الخطيب أن العراق سينتج 18 ألف ميغاواط خلال الصيف الحالي مقارنة بنحو 14 ألفا قبل عام، وهو ما يعني تحقيق الاكتفاء الذاتي بعد تراجع الطلب في الخريف المقبل.
وتدرك الإدارة الأميركية والأطراف الإقليمية صعوبة موقف الحكومة العراقية في ظل انقسام الأطراف السياسية بين فريق متحفظ على نفوذ إيران المدمر وفريق تابع لإيران، له تمثيل في البرلمان والحكومة ويرتبط مباشرة بالحرس الثوري الإيراني المدرج على القائمة الأميركية للجماعات الإرهابية.
سوف يستمر جس النبض بين واشنطن والأطراف العراقية والأطراف الإقليمية الأخرى لحين انتهاء فصل الصيف، إلا إذا غامرت طهران بتفجير الأوضاع العراقية للهروب من اختناقها الوشيك.
تلك المعادلة تنطوي على صراع من أجل البقاء لأن بعض الأطراف السياسية مهددة وبعضها مدرج على اللائحة الأميركية للجماعات الإرهابية، ولذلك فهي تنطوي على خطر انفجار وصراع مسلح في العراق.
كل ذلك يجعل حكومة عادل عبدالمهدي تسير في حقل ألغام شديدة الانفجار. ومن الإنصاف القول إن تحركاتها حققت تقدما كبيرا لإخراج البلاد من تقاطع النيران.
وكان إبرام اتفاقات واسعة مع السعودية خلال زيارة عبدالمهدي إلى الرياض وقبلها زيارة وفد سعودي كبير إلى العراق، أحد تلك التحركات، التي تجد قبولا واسعا في الشارع، ما يعزز موقفها في خفض سقف مطالب الأطراف الموالية لإيران.
كما أن إبرام اتفاقات لتطوير قطاع الكهرباء مع سيمنز، يمثل مناورة جيدة بين الأطراف المتنازعة، والتي تؤيدها آراء الخبراء لسجل الشركة الألمانية وخاصة نجاحها في إنهاء عجز الكهرباء بمصر.
وجاءت الاتفاقات، رغم ضغوط الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمنح جنرال إلكتريك حصة من العقود لكن يبدو أن عبدالمهدي فضل تفادي ضغوط أتباع إيران داخل حكومته.
وتحدثت تقارير عن أن واشنطن عرضت على بغداد تمديد السماح لها بشراء الغاز والكهرباء من إيران مقابل إبرام عقود مع الشركات الأميركية في قطاعي النفط والكهرباء.
وقد نفى عبدالمهدي أمس وجود أي علاقة بين حصول العراق على إعفاءات من العقوبات الأميركية المفروضة على إيران وبين أي اتفاق آخر، وبضمنها اتفاق أولي تقترب حكومته من توقيعه مع اكسون موبيل.
وقال إن العراق يقترب من توقيع اتفاق بقيمة 53 مليار دولار مدته 30 عاما مع اكسون موبيل وبتروتشاينا لتطوير البنية التحتية النفطية في الجنوب في إطار مشروع طاقة عملاق. وفي خلاصة جميع المؤشرات، يبدو أن العراق سيوقف اعتماده على إمدادات الغاز والكهرباء الإيرانية بعد فصل الصيف