بقلم: زكريا أبو سليسل
لم تكد تنتهي مراسم الزيارة المفاجئة التي قادت الرئيس السوري بشار الأسد إلى طهران، حتى بدأت تداعياتها تلّقي بظلالها على المشهد الإقليمي والدولي. المفاجئ هنّا أنّ التداعيات بدأت من العاصمة الإيرانية التي شهدت اعلان وزير الخارجية محمد جواد ظريف عبر حسابه في تطبيق انستغرام استقالته من منصبه. وكان ظريف تسلّم حقيبة الخارجية بعد انتخاب حسن روحاني رئيساً لإيران عام 2013، وبقي محتفظاً بها بعد اعادة انتخاب روحاني عام 2017.
إعلان ظريف الإستقالة في هذا التوقيت فتح المجال أمام المهتمين للتساؤل عن السبب الحقيقي الذي دفع به لهذا القرار. وبينّما كانت التحليلات تُركّز بدرجة كبيرة على فشل الاتفاق النووي، والتعثر الذي يصيب مشروع إقرار لائحة فاتف في مجمع تشخيص مصلحة النظام، فقد ذهب البعض لتصوير الاستقالة على انها في إطار لعبة الأدوار الإيرانية للضغط على أوروبا كي تسرع من إجراءاتها بخصوص الآلية المالية للتبادل التجاري.
كما ذهبت قلة لتوقع أنّ تكون زيارة الرئيس السوري بشار الأسد لإيران هي السبب الذي دفع ظريف لتقديم استقالته، خصوصاً وأنّه بحسب الصور الواردة من وكالات الأنباء الرسمية الإيرانية فإنّه لم يظهر في أيٍ من اللقاءات التي أجراهما الأسد بطهران.
هذه التكهنّات والتوقعات خرقها ظريف بكشفه لموقع انتخاب الإيراني عن السبب الذي دفعه للاستقالة. وقال ظريف “بعد ظهور صور اجتماعات اليوم [لقاءات الاسد مع المرشد الأعلى والرئيس روحاني] لم يعد لمحمد جواد ظريف كوزير للخارجية مصداقية حول العالم”. وبهذا فإن الديبلوماسي الإيراني العرّيق قد قطع الطريق على كل التساؤلات، مظهراً في وقت قياسي أسبابه للاستقالة بكل وضوح.
من جانبه، أفصح رئيس لجنة الخارجية والأمن القومي في البرلمان الإيراني حشمت الله فلاحت بيشه لموقع الديبلوماسي الإيراني عن تفاصيل آخر الأعمال المشتركة التي كانت فيها لجنته على تواصل مع وزارة الخارجية قبل أنّ يُعلن عن استقالة ظريف. وفي هذا السياق كشف فلاحت بيشه عن أنّه كان سيسافر صباح الإثنين (يوم زيارة الأسد لطهران)، إلى جنيف برفقة وزير الخارجية محمد جواد ظريف لحضور مؤتمر نزع الأسلحة وحقوق الإنسان، مضيفاً أنّه وبعد إرسال جوازه للمراسم لترتيب أمور السفر، فإنّه تفاجئ برسالة من بناهي اذر مساعد ظريف يقول فيها إنّ السفر إلى جنيف قد ألغي.وكان الصحفي الأميركي الإيراني الأصل هومان مجد رجّح بأن المرشد والرئيس كانا يظنان أن ظريف خارج البلد ولذلك لم يوجها له الدعوة للمشاركة في الإستقبال.
وفِي إطار مشابه أشارت مصادر إعلامية إلى أن عدم وضع علم سوري خلف الرئيس السوري وغياب ظريف يؤكدان أن زيارة الأسد كانت مفاجئة وأن الأسد وصل دون تنسيق تفصيلي مع الإيرانيين.
سوء التنسيق قد يكون مخرجا للرئيس روحاني لمحاولة ابقاء احد ضباط حكومته داخلها، وهذا ما أكدته مصادر مطلعة لموقع انتخاب الإلكتروني. وقالت المصادر إن الإستقالة ليست رسمية كون نصها انتشر على وسائل التواصل الإجتماعي ولَم تُرسل لروحاني.
المصدر: جادة إيران