استضافت مدينة شرم الشيخ المصرية، فعاليات القمة العربية الأوروبية الأولى التي تقام على مستوى القادة بين جامعة الدول العربية والاتحاد الأوروبي، بمشاركة 50 دولة عربية وأوروبية. لكن الأمر الذي لا يمكن فهمه سياسياً أن القمة خصصت جزءا من أجندتها لنقاش الوضع في سوريا وضرورة إيجاد حل لهذا الملف من أجل استقرار الدولة السورية، ولم توجه دعوة لرئيس الجمهورية السورية بشار الأسد.
في نفس يوم قمة شرم الشيخ التي أثبتت أنها أضعف من أن تضيف شيئا إيجابيا للعلاقة الأوروبية العربية أو حتى العلاقة العربية – العربية؛ شهدت العاصمة الإيرانية طهران قمة ثنائية مهمة بين الرئيس الإيراني حسن روحاني ونظيره السوري بشار الأسد، خصصت لمناقشة التحالف الاستراتيجي الإيراني السوري. والذي أثبت أنه الأكثر قوة في منطقة الشرق الأوسط.
نتائج القمم
بالنسبة لنا كمراقبين ومحللين سياسيين، يهمنا نتاج هذه الأحداث ومخرجاتها وتقيميها وفقاً لتأثيرها على مستقبل المنطقة. إذ أظهر البيان الختامي لقمة شرم الشيخ العربية الأوروبية، ملامح انقسام حول البيان الختامي بين مصر من جهة والسعودية والإمارات والبحرين من جهة أخرى. إضافة إلى أن الدعوة إلى مقاربة شاملة لمكافحة الإرهاب بين العرب والأوروبيين لا يحتاج إلى قمة بهذا الحجم. لتكون نتائج القمة بالرغم من ضخامتها، مجموعة من الأوراق والنصوص المحفوظة، والظهور الإعلامي. بدون إصابة الأهداف.
على الطرف الأخر من شرقنا الأوسط، ناقش الرئيس روحاني والرئيس الأسد مخرجات لقاء سوتشي الأخير الذي جمع الدول الثلاث الضامنة، ضمن إطار اجتماعات “أستانة”، التي تهدف إلى معادلة تحفظ وحدة الأراضي السورية واستقلالها وسيادتها والقضاء على الإرهاب في أراضيها.
الأمر الذي يقودنا إلى أننا بحاجة فعلا إلى وضع مقاربات دقيقة لما يحصل على الأرض، ومعالجة القضايا المُلحة وتسمية الأشياء بمسمياتها دون تجميل، ووضع الخطط الصحيحة للمعالجة. فالبيانات لا تكفي أبداً.
مضيعة للوقت واستعراض لا جدوى منه
بالنظر إلى ما خصلت إليه القمتين نستطيع القول إن قمة طهران الثنائية أصابت أهدافها بدقة أكثر من قمة شرم الشيخ، التي يراها البعض أن مضيعة للوقت واستعراض لا جدوى منه. فكيف تمت مناقشة مستقبل الأوضاع في سوريا دون حضور الأطراف المعنية.
إن تحليل الحدثين يدلل على أن الانقسام بين الدول العربية في مواقفها أكبر مما نتخيل، وربما لا يوجد طريق للعودة من جديد بالرغم من كل الدعوات والتصريحات التي نسمعها هنا وهناك عن أهمية عودة سوريا للجامعة العربية كعنوان وليس كمقعد.
لقد أضاعت الدول العربية فرصة جديدة للتقارب مع إيران الفارسية وسوريا العربية، وكيف لخمسين دولة أن تناقش مستقبل الاستقرار في الشرق الأوسط دون حضور إيران كلاعب رئيسي في المنطقة.
إن التهميش السياسي الذي تمارسه بعض الدول بحق الأطراف الأخرى، سيؤدي حتما إلى ارتفاع مستوى الاحتكاك والتصعيد الذي قد يضعنا على أبواب حرب جديدة. فقمم التهميش والتحشيد لا تناقش الاستقرار أبدا بل تمهد لحروب دامية لا حساب لتداعياتها.