بقلم: سمير نوري
بعد سفر دونالد ترامب الملقب بالرأس البرتقالي إلى معسكر عين الأسد في أعماق العراق دون اعلام المسؤوليين العراقيين وإهانتهم وإهمالهم، جرت عدة أحداث في العراق تظهر أن الصراع الإيراني الأمريكي قد دخل إلى عمق العراق وأن العراق أصبح محل المواجهة الحاسمة بين البلدين لحسم الصراع بينهما.
إن إعلان الانسحاب الأمريكي من سوريا لم يكن فقط انسحابا من سوريا، بل صاحب تطورات سريعة في الوضع السياسي والعسكري في العراق. فحسب الأخبار يظهر أن القوات الأمريكية انسحب إلى مواقع عسكرية حساسة في العراق. وتظهر عدة اماكن ومعسكرات في العراق ازداد التواجد العسكري الامريكي فيها وأهمها معسكر كيوان القريب في كركوك وعين الأسد والمناطق التي تتواجد فيها وتنشط ما بقي من داعش، وفتح أكبر قنصلية او معسكر لأمريكا في أربيل.
لم تكن قضية التحركات العسكرية إلا بداية لتحركات سياسية ودبلوماسية في المنطقة. فزيارة بومبيو وزير خارجية أمريكا الى العراق وكردستان العراق وزيارته لبلدان المنطقة قبيل الكونفراس الذي من المزمع عقدها حول إيران في أوروبا، وتعبئة عالمية لعزل إيران وتشكيل تحالف اقليمي وعالمي ضدها.
إن الحصار الاقتصادي على إيران هي أحد القنوات التي تتحرك أمريكا ضمنها ضد إيران. وتسعى أمريكا إلى قطع العراق لقنواته الاقتصادية مع إيران. وقد قرأت القوى العراقية الرسالة وهم لا يريدون التضحية بأنفسهم من أجل إيران، ورغم ذلك لا يستطيعون التخلي عن إيران لا داخليا ولا خارجيا. الان فان العراق وحكومته المشلولة تعيش حالة “بلاع الموس”. فداخلياً لا تستطيع تجاوز شروط إيران وفرض عناصر تابعة لإيران ولا تستطيع أن توقف نشاطات ميليشيات الحشد الشعبي ولا تسطيع ايقاف نشاطاتها الاقتصادي وتعيش في حالة مزرية.
الخامنئي أمر بضرب القوات الأمريكية.
لم تبق نشاطات الحكومة الأمريكية وعلى أعلى مستوياتها دون رد من قبل الجمهورية الإسلامية. فحسب الاخبار المسربة، فقد أمر علي خامنئي الحشد الشعبي الذي يتحرك تحت قيادته بضرب القوى الأمريكية واعاقة النشاطات العسكرية للقوى الأمريكية. سياسيا ودبلوماسيا ارسل محمد جواد ظريف وزير خارجية الجمهورية الإسلامية الإيرانية إلى العراق منأجل الغاء وافشال المساعي الأمريكية لتضيق الخناق عليهم ولطرح الغاء الفيزا بين البلدين وفتح خمسة مناطق اقتصادية على الحدود بدون ضرائب كمركية وغيرها من النشاطات الاقتصادية وتقوية حلفائهم في الساحة السياسية في العراق. ظريف أعلن بان إيران لها مشاركة تاريخية وسياسية وعلى أعلى المستويات وأون لهم مصير مشترك. تحركات ظريف لم تقتصر على العراق بل زار كردستان والقوميين الكرد الذين يعتبرون مقربين من امريكا والغرب لإعطاء اشارات معينة للقوميين الكرد بعدم لعب اي دور ضد إيران.
إن التحركات على صعيد العراق والمنطقة لم تقتصر على هذا المستوى بل ايضا زيارة الملك عبد الله إلى بغداد تعتبرا جزءا من الضغوطات على إيران لإبعاد العراق عن الحلفاء الإيرانيين وهناك نشاطات دبلوماسية أكثر سعة منها زيارة وزير خارجية فرنسا وتحركاته كلها تظهرأن العراق يمر بمرحلة اخرى من المواجهات بين القوى العالمية والإقليمة لحسم الصراعات والتقسيمات والمتغيرات.
تجميد الميليشيات التابعة لإيران
قدمت أمريكا طلبا لتجميد الميليشيات الإسلامية التابعة للحشد الشعبي. وتقوم امريكا بالضغط على حكومة عادل عبد المهدي – العاجزعن اي تغيرات – بتجميد نشاطات 68 ميليشيا اسلامية تابعة للجمهورية الإسلامية وتحت قيادة علي خامنئي. هذا التصعيد يوضح مدى اهمية الساحة العراقية لحسم الصراع بين إيران وامريكا. العراق اذن يمثل ميدانا مهما لمواجهة القوى العالمية والإقليمية والان الجمهورية الإسلامية تشكل طرف اساسي في هذا الصراع وتتعامل مع العراق كأحد الدول الخاضعة لها وتعتبر حكومتها تابعة لها. تشكل الأحزاب الشيعية في السلطة احزاب تابعة للجمهورية الإسلامية تنفذ سياسات إيران في العراق.
إن القوى الإسلامية في إيران والعراق يشكلان تحالفا بوجه الطبقات المظلومة ومصدرا للظلم ضد الجماهير في المنطقة. وبنفس القدر فان البرجوازية في البلدين لهما نفس المصير والأهداف بنفس الدرجة التي تشترك فيهما الطبقة العاملة والجماهير المحرومة المليونية بمصالح مشتركة. ان الإسلام السياسي هو عدو صريح في كلا البلدين للجماهير. وأن اسقاط الجمهورية الإسلامية في إيران واسقاط سلطة الاحزاب الإسلامية القومية في العراق والتدخل الجماهيري في تحديد مصيرها السياسي والاقتصادي هو الطريق لإنهاء سيطرة الفاشية الإسلامية والقوى العالمية على مصير المجتمع في البلدين، وفسح المجال للمضي نحو بناء مجتمع حر متساوي اشتراكي وانساني.
المصدر: ميدل إيست أونلاين