بقلم: سليم الحسني.
حين تم تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الوزراء، طلبت منه السفارة الأميركية إخراج وزارتي الخارجية والمالية من مفاوضات الكتل السياسية. لقد أرادت هاتين الوزارتين لشؤونها الخاصة. وكان من الطبيعي أن يستجيب عبد المهدي من دون اعتراض.
اختار الأميركان فؤاد حسين لوزارة المالية، ومحمد علي الحكيم لوزارة الخارجية. وكان الدافع وراء ذلك التمهيد لمرحلة التطبيع مع إسرائيل. فالأول بحكم قربه من مسعود البارزاني يستطيع القيام بدور مهم في العلاقة مع إسرائيل. أما محمد علي الحكيم، فان مواقفه السابقة في الأمم المتحدة، تشهد له بالحرص على مصالح إسرائيل.
فبعد فترة قصيرة من تشكيل حكومة العبادي، تسلم ممثل العراق في الأمم المتحدة محمد علي الحكيم توجيهاً من وزارة الخارجية، بتقديم شكوى ضد إسرائيل على ضربها المفاعل النووي العراقي عام ١٩٨١. وقد كانت الأجواء تساعد على حصول العراق على تعويض ضخم من إسرائيل.
رفض محمد علي الحكيم تقديم الشكوى، وأصر على موقفه في ذلك مستغلاً ضعف الحكومة والوزارة، حتى تلاشت القضية وضاع المقترح. وقد وجدت إسرائيل في موقف الحكيم ما يشجّع على الاعتماد عليه ودعمه في المستقبل، باعتباره من طراز الرجال النادرين الذين تبحث عنهم في حكومات المنطقة.
جاءت المكافأة سخية لمحمد علي الحكيم، فحين تم تكليف عادل عبد المهدي برئاسة الوزراء، كان الحكيم هو الاسم المختار لشغل وزارة الخارجية، فالتطبيع مع إسرائيل سيكون أولى مهامه.
أطلق وزير الخارجية تصريحه المثير والذي تضمن الاعتراف بدولة إسرائيل، وكان ذلك بداية جيدة في هذا الاتجاه، ثم جاء الدعم من رئيس الوزراء عادل عبد المهدي، بعدم الاعتراض عليه، في إعلان ضمني بالموافقة.
تبع ذلك الكشف عن زيارة وفود حكومية الى تل أبيب، كما أعلنت الخارجية الإسرائيلية ذلك مع التكتم الشديد على الأسماء.
ثم اتخذت إسرائيل قراراً بشطب العراق من الدول المعادية، وهو إجراء له دلالته الخطيرة، إذ لا تتسامح إسرائيل في هذا الجانب، إلا اذا كانت قد حصلت على ضمانات أكيدة ذات صفة قطعية.
وحدث تطور آخر، عندما أعلن وزير المالية الإسرائيلي، قراراً يسمح فيه بالتبادل التجاري مع العراق جاء في نصه: (بموجب سلطتي وفقا للمادة 3 من الأمر التجاري رقم 1، أمنح المصادقة للإسرائيليين للتداول التجاري مع العراق حتى نهاية مارس/آذار 2019).
كان الاختيار الأميركي دقيقاً للوزيرين محمد علي الحكيم وفؤاد حسين. كما كان اختيار عادل عبد المهدي مناسباً جداً ليرأس حكومة تتولى عدة مهمات خفية، أحدها التطبيع مع إسرائيل.
ملاحظة: لم نعد نسمع شعار (كلا كلا إسرائيل)، كما لم نسمع من رافع شعار الإصلاح موقفاً في هذه القضة الحساسة. لقد رشح مقتدى الصدر الرجل المناسب للتوجهات الامريكية، وسانده في ذلك اشخاص وجهات لهم مكانتهم السياسية والاجتماعية والدينية، وسيكتب التاريخ عن هذه الفعلة السيئة.