بقلم: الدكتور محسن الراوي
بالرغم من كل التقلبات السياسية التي مر بها العراق، إلا أن السادس من يناير سيبقى له عنوانه الخاص، حيثُ ذكرى تأسيس الجيش العراقي منذ عام 1921.
شكل هذا التاريخ مناسبة خاصة لكل بيت عراقي، خصوصاً وأن هذه البيوت على امتداد الوطن استقبلت ابناً أو أخاً أو أباً ملفوفا بالعلم، اختلط دمه بتراب العراق مدافعاً عنه.
في مرحلة ما من تاريخ هذه المؤسسة العريقة، بلغ عدد الجيش ما يقارب مليون منتسب، وكان يعد من الجيوش الثلاث الأقوى في المنطقة. واليوم لا يمكن لنا القول إن الدرع العراقي في أحسن حالاته. وهو في المرتبة الـ47 من أصل 136 عالمياً، وتقدير أنه في المرتبة الرابعة عربياً، لا يمكن الأخذ به، على اعتبار أن دول المنطقة، تعمل على تطوير ترسانتها العسكرية وربطها بالتكنولوجيا الحديثة والمهارات القتالية المتقدمة والذكاء الاصطناعي. ونحن ما زلنا نبحث عن قطع الغيار لأليات مستهلكة، وليس لدينا خبرات وموارد بشرية تستطيع مواكبة قفزات التطور في العمل العسكري.
من غير المنطقي أن نتعامل مع ذكرى التأسيس باحتفالات واستعراضات ومنشورات على الفيسبوك وتغريدات يكتبها الصحفيون للسياسيين في العراق. علينا أن نستيقظ من غيبوبتنا، وأن نتطلع لأن ننجز مشاريع السيادة الغائبة شاء من شاء وأبى من أبى.
وأن أهم مشروع بالنسبة للسيادة الغائبة هو إعادة هيكلة الجيش العراقي من جديد، ليرجع لمكانته الصحيحة، ضمن عنوان وطني جامع، متجاوزين الطائفية والأثنية والعرقية.
يعلم سياسيو العراق وقادته بكل أطيافهم أن مشروع البناء الأهم بالنسبة للعراق هو مؤسسة الجيش الضامن الأول للأمن. كما ندرك أيضا أن هذا المشروع الوطني يحتاج لوقت، ولكن المهم أن نبدأ.
قد يقول البعض أن الولايات المتحدة الأمريكية وإيران، لا تقبلا بوجود جيش عراقي يتمتع بالكفاءة العسكرية والقدرات القتالية، ولأننا نعلم ذلك، أطلقت عليه المشروع الأهم بالنسبة للسيادة الغائبة. لأن وجود مؤسسة عسكرية ذات عقيدة عسكرية نسيجها الوطن، يعطينا المجال للمناورة السياسية والاقتصادية.
علينا الاعتراف بأن قرار حل الجيش العراقي بعد الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، كان استهدافاً للمؤسسة الأعرق في التاريخ الحديث وليس استهدافاً لحزب البعث.
كان “سون تزو” مؤلف كتاب “فن الحرب” يرى أن الجيوش تهلك لأسباب عدة؛ ليست طبيعية أبدا، ومعظمها تنشئ من أخطاء قيادية. لخصها بالاندفاع أو الانهيار أو الفرار، والتمرد وعصيان الأوامر، والانهيار الداخلي، وانهيار التنظيم، والهزيمة. كل ما سبق مر به الجيش العراقي مؤخرا في غضون 15 عاماً.
اليوم فرصتنا للتفكير في إحياء هذا المشروع من الجديد وتوظيفه وطنياً، من أجل النهوض بالعراق كدولة محورية في المنطقة. بالاستعانة بكل الخبرات المتوفرة، العربية والإقليمية والدولية. إن التأخير في هذا المشروع يعني أننا نقامر بمستقبل بلدنا.