الكاتب: كيزا ماكدونالد.
مع تزايد اعتمادنا على التكنولوجيا والتعدي على الخصوصيات، نشهد عودة الخيال العلمي لموضوع صناعة الروبوتات، تتصاعد موجة جديدة من البرامج التلفزيونية والأفلام وألعاب الفيديو مع مسألة ما سيحدث إذا طورنا التكنولوجيا لإنشاء آلات تتشابه مع صورتنا البشرية الخاصة.
هناك خط غير الواضح بين مستقبل الروبوتات والبشرية، مع إصدار شركة جوجل لمساعد منزلي صوتي يشبه في حديثه البشر تمامًا، وفكرة أن الروبوتات قد تطالب بحقوقها إن لزم الأمر، وهذا ما طرحته آخر ألعاب الفيديو.
أن مسلسل”Westworld” أفترض أنه إذا كان بإمكاننا تطوير الروبوتات بشكل واقعي وتتشابه معنا، فإننا نريد أن نغتصبهم ونقتلهم من أجل المتعة، وفي فيلم”Blade Runner 2049″، حلوا محل البشر عاملين في مجال الجنس، وأما في لعبة الفيديو التي تم أُصدرت مؤخرًا “Detroit: become human”، فإن الروبوتات هم مربيات منازل ويقدمون الرعاية وبعضهم نجوم موسيقى، ومنتشرون في كل مكان، في المنزل وفي المدينة.
تركز الموجة الحالية من خيال الروبوت على ما يحدث عندما يصبح الخط الفاصل بين الإنسان والآلة غير واضح، ففي أي نقطة تستحق الروبوتات الحقوق؟ هل عندما تصل إلى مستوى معين من الذكاء، أو عندما تطور قدرة الانفعال أو الإبداع أو الإرادة الحرة؟ في الحرب الباردة، عندما كان الاعتقاد السائد أن الآلات قد تقتلنا في أي لحظة من خلال تشكيل قنابل نووية، الآن وقد تدخلت التكنولوجيا في حياة البشر، فإنه يتضح أن الآلات يمكنها أن تكون مسيطرة من خلال التعدي على الإنسانية.
قبل بضعة أسابيع، أظهرت شركة «جوجل» أن المساعد المنزلي الصوتي الافتراضي، قادر على إجراء محادثة بشكل طبيعي مع الأشخاص عبر الهاتف، لحجز موعد مع الحلاق على سبيل المثال أو حجز طاولة في مطعم، مع استكمال المحادثة من خلال الهمهمة والتفكير، لجعل المستمع يعتقد أنه يتحدث إلى شخص حقيقي.
أن القلق متزايد حول ما سيحدث إذا أصبحت الآلات مثل البشر تمامًا، ويعتقد آدم ويليام، الكاتب الرئيسي في لعبة “Detroit: become human”، أن تطور المشاعر الشبيهة بالإنسان أكثر إثارة للقلق من فكرة عداء الروبوت المباشر، ويقول: “إنه تهديد لقدسية الإنسانية، فالعاطفة هي شيء نحتفظ به لأنفسنا، عمق الشعور هو ما نستخدمه لتبرير أسبقية وجود الإنسان، إذا كان الروبوت قادرًا على الشعور، فإن ذلك لا يجعله خطيرًا، ولكن بالمعنى المجرد المتمثل في التأثير على ما نفكر به بأنه أصبح إنسانًا مثلنا”.
تبدأ الروبوتات المنزلية التي تتعرض لسوء المعاملة من قبل البشر في لعبة”Detroit: become human” بالتمرد، وفي نهاية المطاف تتجمع معًا للمطالبة بحقوقهم، إنها ليست فرضية أصلية، ولكن ألعاب الفيديو تبدو الآن شبيهة بالحياة الحقيقية لدرجة أنها تمثل اختبارًا جيدًا لمدى شعور البشر بالراحة مع فكرة الروبوت الشبيه بالإنسان، حيث تبدو شخصيات اللعبة قريبة من شكل البشر الحقيقيين.
تجري المتخصصة في مجال إدراك ومعرفة الروبوت ،أنوك فان ماريس، بحثًا أخلاقيًا حول التفاعل بين الإنسان والروبوت، وقد وجدت أن مستويات الراحة مع الروبوتات تختلف اختلافًا كبيرًا تبعًا للموقع الجغرافي والثقافة، تقول ماريس: “يعتمد الأمر على ما تتوقعه منه، بعض الناس يحبون ذلك، والبعض الآخر يريد الهرب بمجرد أن يبدأ الروبوت بالتحرك، إن ميزة الروبوت الذي يشبه الإنسان هي أن الناس يشعرون براحة أكبر تجاه كونه قريبًا منه، ومن الأسهل التواصل معه، العيب الكبير هو توقع أن الروبوت قادر على القيام بأشياء بشرية، وفي الغالب لا يستطيع ذلك”.
في اليابان، حيث الاعتقاد الكبير بين الناس لفكرة أن الروح يمكن أن تعيش في شيء ليس بشريًا، يتم استخدام الروبوتات بالفعل كمساعدين للتسوق، و في دور الرعاية وفي المدارس، اليابان هي الرائدة عالميًا في مجال الروبوتات والطلب مرتفع عليها، خصوصًا لتلك التي يمكن أن تساعد في سد نقص الرعاية التمريضية، اليابان أيضًا هي موطن “إيريكا”، الأنثى الأكثر واقعية في الوجود، و”أزوما” فتاة الهولوغراف التي تعيش في جرة زجاجية تجمع بين وظيفة مساعد منزلي – تشبه المساعد الصوتي “أليكسا” من شركة «آمازون» – ومظهر رسوم متحركة لطيفة مع شخصية تراعي الآخرين.
على النقيض من ذلك في أوروبا ، فإن الأشخاص غير مرتاحين عمومًا لفكرة أن الروبوتات تتطلب التفاعل مع البشر، تقول فان ماريس:”في إحدى الدراسات، سُئل الناس عما إذا كان من المقبول أخلاقيًا أن يتعلق الطفل بروبوت يتفاعل معه، حيث يرى 40٪ فقط أنه كان مقبولًا”. ويخبرنا أن الشركات الأمريكية تصمم روبوتات المساعد المنازلي لتبدو مثل الصناديق السوداء وتمتلك صوتًا آليًا”.
يمكن للآلة أن تعرض سمات شبيهة بالإنسان، ولا تعتبر مثيرة للجدل بشكل خاص إذا لم تبد بشرية، فهذا هو المثير للاهتمام، ما يخيف الأشخاص بشأن مكالمة هاتفية من مساعد جوجل هو أنه يبدو بشريًا، إن حقيقة بناء المحادثة ليس هو ما يخيف الناس، بل حقيقة أنه لا يمكنهم تمييز المحادثة من شخص حقيقي.
يرى بعض خبراء الروبوتات، بمن فيهم روبرت فيشر من جامعة إدنبرة، أن مفهوم الروبوتات الشبيهة بالإنسان أمر غير حكيم ويقول: “لا أعتقد أن الذكاء الاصطناعي سيكون أبدًا مثل البشر، نضع أنفسنا في وضع صعب بمحاولة التظاهر بأنهم بشر، أو جعلهم يبدون مثلنا، ربما من الأفضل عدم القيام بذلك في المقام الأول، وربما تكون الروبوتات الجنسية هي الحالة الوحيدة التي يوجد فيها سبب يجعلها تبدو شبيهة بالإنسان”.
المصدر: الغارديان.