بقلم: صامويل رماني.
بعد تداول تقارير تحدثت عن إنقلاب مُحتم من قبل السعودية و الإمارات ضد أمير قطر، تميم بن حمد آل ثاني، في يونيو، قامت تركيا في ديسمبر 2017 بتوسيع نفوذها العسكري في قطر، اذ قامت بنشر المئات من قواتها العسكرية في الدوحة، وحظيت هذه القوات باهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام۔
تحاول الحكومة التركية إظهار قواها العسكرية، منذ محاولة الإنقلاب في يوليو 2016 على الرئيس رجب طيب أردوغان، وأظهر هذا تحولاً في سياسة أنقرة في منطقة الشرق الأوسط، وأصبحت الداعم الأول للحفاظ على الإستقرار خاصتاً في المنطقة العربية، و يتجلى هذا في إعادة توحيد سوريا في ظل وجود حكومة مركزية قوية۔
تبني تركيا لمُخطط أعمال يدعوا لتحقيق الاستقرار في المنطقة العربية، يعكس المخاوف التي واجهها الرئيس أردوغان بسبب محاولة الإنقلاب، التي نظمها وحدات عسكرية تابعة لفتح الله غولن بدعم خارجي، مما جعل أردوغان لتكثيف جهوده ضد التدخلات الخارجية الساعية لزعزة الاستقرار۔
من أجل الحفاظ على مكانة تركيا بأنها ضامن للأمن و الاستقرار في الشرق الأوسط، سعت أنقرة لتعديل نهجها الدبلوماسي بين الدول، ولانها تمتلك أهداف جيوسياسية تسعى لتحقيقها سعت لإيجاد حلفاء في العالم العربي، بسبب تصريحات اردوغان المتضاربة عن “الربيع العربي”۔
تركيا التي تمتلك ثاني أكبر جيش دائ العضوية في الناتو، و الموارد العسكرية الهائلة، ساهم هذا في تعزيز دور أنقرة كعامل مهم للاستقرار الإقليمي في المنطقة، و انطلاقاً من مبدأ دعم الدول الهشة في العالم العربي، قامت بتوسيع المشاركة الدبلوماسية و العسكرية في سوريا، هذا بالرغم من دعمها لبعض الجماعات السُنية للإطاحة بالرئيس بشار الأسد، حالياً تفضل إعادة توحيد سوريا، باعتبارها دولة مركزية، ومن وجهة نظر تركيا الحفاظ على وحدة سوريا يجنبها الانزلاقات و يسهل اعادة بناء دولة مستقرة سياسياً، و في ظل هذا الهيكل الموحد للدولة يؤدي لانتاج حكومة معارضة بامكانها ممارسة السلطة السياسية في كافة البلدان، وهذه النتيجة تصب في صالح تركيا، لانها ستصبح حليفا لسوديا في حال سقوط نظام بشار الأسد۔
قامت تركيا أيضاً بعمل شراكات مع أصحاب المصلحة الإقليميين للحد من التأثير السياسي لبعض الجماعات مثل “الأكراد”، فقد وقعت اتفاقيات مع ايران حول أمن الحدود و مكافحة الإرهاب و تبادل المعلومات الاستخباراتية، و تعاونت أيضاً مع روسيا في شن هجمات جوية مع الروس في شمال سوريا، مما أضعف علاقات موسكو مع القوات الديمقراطية في سوريا، و ساهمت في تسهيل عمليات تركيا العسكرية في مدينة عفرين۔
وساهم تدخل أنقرة العسكري من خلال عملية ” درع الفرات” ضد تنظيم الدولة خلال الفترة من 2016 – 2017 ، بابراز دورها بتحقيق الاستقرار في سوريا، و انهاء المساعدات العسكرية التي تقدمها واشنطن الى حزب الاتحاد الديمقراطي وسيلة لنيل رضا أنقرة و منعها من شن حملة عسكرية ضد الموالين للولايات المتحدة في سوريا، ويدل هذا التحول في السياسات على نجاح أردوغان بفرض احترام القوات العسكرية التركية في العالم العربي و الغرب۔
و في الشأن الليبي أيضاً برز التدخل التركي فمنذ اعلان أنقرة اعادة العلاقات الدبلوماسية مع ليبيا في يونيو 2016، عملت الحكومة التركية بجهد لتوحيد ليبيا تحت قيادة حكومة “قنا” ضد الميليشلات في شرق ليبيا، بالاضافة لمعارضتها التدخل المصري و الاماراتي الذي يدعم الفيدرالية في ليبيا و يسعى لتعزيز نفوذ قائد الجيش۔
كما هو الحال في سوريا قامت تركيا بالتعاون مع حليفها الرئيسي قطر، باستخدام جهودها لتعزيز مؤسسات الدولة الليبية، لتعميق علاقاتها داخل الجامعة العربية، و تقرب تركيا للسودان فيما يتعلق بمخاوف الخرطوم بزعزت الاستقرار بسبب بيع الاسلحة بطرق غير مشروعة للجيش الليبي۔
بالرغم من سلوك اردوغان الذي يصعب التنبؤ به و يعتبره البعض مصدر لعدم الاستقرار في الشرق الاوسط، الا ان الخارجية التركية سعت لحماية سيادة الدولة في العالم العربي و احياء نظام الدولة الموحدة قبل عام 2003، اذ نجحت بحماية سيادة سوريا و قطر و ليبيا، فهي تشكل صمام امان للامن الاجتماعي في الشرق الاوسط و يعززقوة حلفاء انقرة و مكانة اردوغان كرجل دولة عالمي۔
المصدر: ناشيونال إنترست